Some students will change the world

الثلاثاء، 30 يوليو 2019

عندما استضافوني ...(1)


في المدينة الواسعة توجَّه الضوء وأنار بقعة لامعلومة ، هداهم إليها رذاذ كلامٍ يُسْمَعُ ، قيل : مجموعة طلاب بدأوا فكرة ويريدون بها المجد ..بحثوا عنه وهم في بحث مستمر ،فلا ضَيْرَ أن نسلط الضوء قليلاً عليهم ، لعلَّ وعسى ينفعوا جيل الغد .

وتشاورنا نحن – برنامج ( سِيَرٌ قصيرة )- أن نختار كل أسبوع فَرْداً منهم ، ونسأله عن حياته وآرائه في بعض الأمور ، ونتبادل الحديث لدقائق من الوقت ، نعرف فيها مغزى دعوتهم ، وغرضهم من المجلة ، وأيضاً نعرف كيف يفكرون وإلى ماذا يطمحون .

ووقع الاختيار على فردٍ منهم وهو أحمد صلاح ، واتفقنا أن نجري حواراً معه ، ونسأله العديد من الأسئلة ، لنزيل القناع للجمهور ..ونكاشفهم بأقواله وخططه ،ونغامر قليلاً في عقله ، لنروي إليكم ما رأيناه .

(وجاء موعد عرض البرنامج وبداية الحوار)

المقدِّم : الآن أنت في في برنامج (سير قصيرة ) وسنقوم بحوار ليس بالطويل ، ونناقشك في بعض الأمور ، كما أنك ستقص علينا بعضاً من تجاربك ، عليك أن تتحرى الصراحة فيما تقول ..فغرضنا تسليط الضوء وازالة القناع .

أحمد : بالطبع ، يشرفني أن آتي إلى هنا وأتحدث مباشرةً إلى الجميع ، لطالما تمنيت أن يعرف الجميع "فكرتي" فالفكرة تبقى والأشخاص تموت كما يقال .

المقدِّم : نعم الفكرة تبقى ، لكن أنت ستبقى ببقائها . لنبادر بالسؤال إذا عن تلك الفكرة التي تسعى ورائها حثيثاً ..ما هذه الفكرة ؟

أحمد : حسناً ..فكرتي ببساطة هي مجلة ، تضم عقولاً تُفَكر وتُنْتج ، تترفع عن سفاسف الأفكار ، لتعلو وتحقق الغاية الكبرى المناطة بنا نحن البشر ، وهي العلو بالفكر ..فهي ترعى التفكير والنظر السديد . وإن لم نكن في مسرح التنفيذ الدقيق لهدفنا ، لكننا نسعى إليه بخطى وئيدة وحازمة .

المقدِّم : لماذا خطرت على بالك فكرة المجلة ، سبق أن قلت : أنك انشأتها لتعثُّرَ انشاءِ المجلة في مدرستك ، ورغبت أن تعوض خسارتك ، أهذا هو السبب الوحيد ؟

أحمد : ليس السبب الوحيد هو تعويض الخسارة ، لكن كما قلت من قبل رغبت أن نعلو بعقولنا ونفيد الجميع ، وأن تكون المجلة قبلة للعقول كما أن مكة قبلة للقلوب ..
هي مهمة عظيمة ، نظراً لعلو الغاية ، وبجانب عظمتها فهي صعبة جداً ..وسبب شخصي لإنشاء المجلة وهو أني أحب الكتابة ، ولطالما وددت أن أكتب في مجلة أو جريدة ، ولم تتوفر الفرصة أو لم أحاول أن أجعلها تتوفر ، فأتكاسل أحياناً عن هذه الأشياء ..فأنشأت مجلة خاصة ، لأكتب ويكتب غيري فيها .

المقدِّم : عرفنا فكرتك وعرفنا المجلة ، لنحرك كاميرا الحديث ونرى من أنت ، وفي رؤيتنا سأطرح عليك العديد من الأسئلة –إذا أسعفنا المقام – فنريد أن نعرف عنك ما يرضي الفضول . حدثني عن نفسك يا أحمد .

أحمد :لن أغوص في حياتي بالأسماء والتواريخ في تعريفي لنفسي ، بل سنحيط ونأخذ دورة حول مركز شخصيتي .
أنا ولدت منذ ثلاثة أعوام تقريباً ، ولدت كحلم وكغاية في الحياة ، لكن ولدت كشخصية ووجود منذ ستة عشر عاماً .
لا أستطيع أن أنفي وجودي كشخصية في اثبات وجودي كغاية وهدف ، فوجودي كشخصية أمدني بملامح وعلامات ترافقني إلى أرذل العمر ...
فلا يمكنني التغاضي عن هذا الوجود ، وهو ثابت قد تلمحه فيَّ الآن وبعد سنين ، وإن لم تلمحه كلِّياً فستلمح منه خطوط تبينه لك وتظهره .

ولادتي كحلم وغاية ، وأقصد بقولي كحلم وغاية ..أني شرعت بعقلي وقلبي في تمني شىء واحد ونذرت حياتي له ، مكتفياً به ، عازماً على أن أبذل وسعي فيه ...وجاءت هذه الولادة منذ ثلاثة أعوام عندما بدأت القراءة .

المقدِّم : عذراً للمقاطعة ، لكن أنت اجتزت مراحل دراسية ، ألم تبدأ بالقراءة في ذلك الحين مطلقاً ؟

أحمد : أنا تقريباً لم أذق طعم القراءة نهائياً في الكتب الدراسية ، فكيف أحكم على شىء عديم المعنى ، وأدرجه في مسمى "القراءة" وأنا لم أعرفه !!
قراءتي بدأت في العالم الرحب ، والكتب الأخرى - التي كنا نبصرها صغاراً - أحسستها كائنات أخرى ، أشبه بالفضائيين ...وهي حقَّاً كائنات أخرى ، مختلفة تماماً عن قطع الجلد الغريبة والتمارين الكثيفة ، والحفظ المحض للدروس ...

المقدِّم : أرى منك حنقاً على التعليم المدرسي ، وما به جميعاً ...عجيب ، كيف نشأ هذا الحس في ذهن طالب متفوق ؟

أحمد : كنت متفوقاً بمقاييسهم ، لم أتفوق بمقياسي ..كانت درجات وتقديرات من قبيل العادة والتقاليد يقدسونها تقديس المساجد ..ويتنافس الطلاب المتفوقون –بمقاييسهم- وتنشأ العداوات بينهم والكره ، وتترسب في شخصياتهم الضغينة والحسد - أتحدث عن نفسي - كنت أكره من يتفوق عليَّ وأنا صغير ..
لأنهم حصروني في عالم ضيق شنيع ، لا أستطيع فيه تنفس الجو التعليمي التربوي الصحيح . وتفوقت بمقاييسهم ، مقاييس الامتحانات والأساتذة ، لكن لم أحرز تفوقاً يُذكر في حياتي الفكرية الخاصة ...
بدأ شعاع الضوء يأتي عندما تعلمت القراءة ، لك أن تتخيل مقدار ما استفدت منها ..من قولي أنها ولدتني من جديد!

المقدّم : قد نكون عرفنا القليل عنك ، لازال في الحديث بقية وبعد الفاصل ، سيجيب أحمد على سؤالنا ، وسنقدم لهذا السؤال بهذه المقدمة : أخطر أنواع المسَّ – مسَّ الجن – هو مسُّ العشق والحب ، وهذا يفسر لنا كمّ أن الحب قوةٌ خطيرة ، وفعالة في تكوين النفوس ...بعد الفاصل يجب أن تكون صريحاً في أمر الحب ، فهو فعَّال كما قلنا ، وأخطر من الديناميت ..بعد الفاصل سنعرف هل أحبَّ أحمد من قبل ، هل يحبَّ احداً ؟ كيف يفكر ويتراءى أمر الحب في عقله ؟


                                                                            أحمد صلاح

0 التعليقات:

إرسال تعليق