Some students will change the world

الجمعة، 2 أغسطس 2019

عندما استضافوني ...(2)



المقدِّم : مرةً أخرى ، عدنا إليكم ..والحديث الآن سيدور حول ما تكلمنا عنه قبل الفاصل والسؤال كما قلنا أخطر من الديناميت ، ويحتاج إلى جرأةٍ وصراحة ...آمل منك يا أحمد أن تجاوبني ، اجابة ترضي الجمهور المستمع ، وتنهي فضوله في هذه الجزئية . ، هل أحب أحمد من قبل ، كيف يرى أحمد الحب ؟

أحمد : الحب ! (يضحك)
 أنا أستحي ولم أجرؤ على خوض غمار الحب ، دائماً أرى الحواجز تفصل بيني وبين من حولي ، وخصوصاً البنات ...هن أشبه بفكرة مجهولة في العقل ، والوقوع في حب إحداهن  كالسجن الجميل ، لكنه لايزال سجناً  للفكر والوجدان والمشاعر ...
عندما كنت طفلاً في المرحلة الابتدائية  كنَّ يطاردنني ، أتذكر مرةً أنهم بعثوا إليَّ باحداهن ، كانت مميزة بينهم ، وبعد هذا ساروا خلفي وجعلوا ينادونني ..ستعجبون : أأنت روميو ! ، لا لست بروميو ولا غيره ، لكن كنت مجهولاً ...تصرفاتي فيها حذر شديد وكنت متفوقاً أيضاً ، وهذا ما حدى بهم لهذا الفعل .
حدث مرةً – وهذه الحكاية خاصة – أن أرسلت إليَّ واحدةً منهن ، طلباً في نهاية الصف الأول الاعدادي ، عندما عدت من الامتحان . وكأن طلب الصداقة كان هدية النجاح !
وافقت عليه  وكانت متفوقة ، وإلى حد ما - وقتها- تثير الاعجاب ...لا يمكنني البتُّ في أمر الحب ، فلم أفكر فيه بالعمق الذي يبرز لي هل أنا أعجبت بها فقط ، أم أحببتها قليلاً ، أم كثيراً ...لا أعلم ، كله من الماضي ولا أتذكر مشاعر الماضي بوضوح ...

المقدم : أنت تدور بنا في فلك آخر ، نودُّ أن نعلم بقية أيام صداقتكما ، وهل وأنت صغير أحببت أحداً ؟ قد نكون علمنا كيف فكرت في الحب في هذا السن واتضح لنا ، أنه كان أشبه بحفلة تنكر ، تبقى لديك أن تخبرنا بقية القصة ، وتحدثني عن حالك الآن ..

أحمد : لقد تحدثنا مراراً ، كنت سعيداً منتشياً في الحديث ، وأرجع مبكراً وأرسل لها اشارة ترحيب ونتحدث – بالكثير من التحفظ – اعتادت أن تسألني لتسبر غور شخصيتي وتعرف من أنا . سألتني هل أنا متكبر ومغرور كما يبدو عليَّ ، ولاحظتُ آنذاك وثبت لي فيما بعد أن صفتا الوقار والهدوء ، والبعد عن التعامل والاهتمام بالفتيات ، أظهروني كمتكبر أو مغرور ..
لا أعلم بقية ما حدث ، انتهت الصداقة ولا أتذكر ما السبب ! جاءني أنني تسببت بمشكلة ، لكن أنا لا أتذكر فترة الحوار التي انتهى بنا أن ألغينا كل ما كان بيننا .

المقدِّم : أنهيتم كل ما كان بينكم ، ولا تتذكر السبب.. ما كان بينكم حبَاً أم اعجاباً ؟

أحمد : لا أستطيع أن أحدد ، الحب غريب ...لكن قد يكون – وقتها - اعجاب طفل  بفتاة أرسلت له طلب ، وجلس يحدثها بفرح ..ولم يتطور ذلك إلى حبٍّ ..لكني ألاحظ شيئاً هاماً وجوهريا قد حدث ، كنت لا آبه لها قبل أن تحدثني ، بعد الحديث صار الاهتمام يتدفق في قلبي ...وهذا أمر عجيب ! حوار لم يدم إلا ساعات كوَّن اهتمام أيام وشهور ...

المقدِّم : لكن الآن ، أتتذكرها ..أم قلبك لم يعد به مكانٌ شاغر للذكرى وأيامك الأولى ؟

أحمد : الآن ، لا ..لقد دخلتْ في صفِّ الذكريات التي تمحوها الأيام شيئاً فشيئاً ...فجدار القلب لم يعد عليه أثرٌ من آثار سقوط المطر ، لقد بخرت الشمس كل القطرات وإن تبقت رائحة المطر قليلاً في الأرجاء ..
وقلبي قد شُغِر ، والحمدلله .

المقدِّم : قلبك شُغِر ؟ إذا أنت تحب أحداً الآن ؟ لا نستطيع تصور أنك مررت كل هذه الأعوام ولم يمل قلبك إلى احداهن !

أحمد : إن قلت لك  أحببت ، فهذه صراحة مفرطة ، أحبُّ أن أحتفظ لنفسي ببقية الحديث ، لكن سآخذك إلى بعد آخر ...
المرء الذي يعرف حب من نوع واحد فقط وهو حب فتاة مثلاً ، فهو ضيق الشعور . وذلك كالعين التي لا تبصر إلا شيئاً واحداً . يجب أن نحيط القلب بالكثير من المشاعر ، حب الكون والحياة ، وحب خالقهما ، حب ما تؤديه من عمل ، ومن يحيط بك من أصدقاء وأقارب ...فلا يلزم أن أحب فتاة ، بل قد أحب قيمة من القيم ، ومثلاً أعلى من المثل .
كل هذه أنواع من الحب تنبع من مصدره ، لكنها تتفرق جميعاً وتلتقي أحياناً ..فأنا لم أبحث عن نوع واحد من الحب ، بل بحثت عن كلِّ أنواعه وطرقت كل أبوابه ، لأنني أحب أن أعمق احساسي وشعوري بالكون .

المقدِّم :أرى أنك لم تجب إلا بما تريد لا بما أردنا ، لننتقل إلى نقطة أخرى ...كنا قد سألنا عن رأيك في الحب وكيف تراه ، ويتضح أنك أجبتَ اجاباتٍ متفرقات في حديثك وضحت رأيك فيه ، نريد رأياً عاماً شاملاً يلخص لنا رؤيتك له .

أحمد : الحب طاقة ، تزداد بحسن التعامل والاحترام المتبادل . إذا وجدت شخصاً يعطيك ما تحب ، فهو موطن للحب وسيميل إليه قلبك ..
والحب ليس عفوياً دائماً ، بل قد تحب بإرادتك وتبذل جهدك لتحب شخصاً ما ، ويتلخص بذل الجهد في النظر إلى محاسن هذا الشخص ، وما يميزه عن غيره من الأشخاص ،ونوهم أنفسنا أن من نحب لا عيوبَ له ، وفي هذا عمل للإرادة ، فنحن نختار أن نتغاضى عن العيوب والمساوئ حِفْظاً لجو الحبِّ وصفوه ..
إذا الحب عمل إرادي ، ينبجس من صميم رغبتنا ، نبذل فيه جهداً – وإن لم نحس بهذا – لنحقق رغباتنا المرجوة فيمن نحب ، فالحب إن لم نجدْ فيه ما نحب ليس بحب .
والحبُّ كحبل السرك ، لا تستطيع الاستمرار في الوقوف والتحرك إلا بعد التدرب الشاق ، وليس كل شخصٍ ينال الحب ، بل المؤهلون للحب هم من ينالونه ، ورغم صعوبته إلا أن النفس تعتاده وتحيا في كنفه مطمئنة أكثر ...والحب له مقدار من الجودة ، كالعملات فيها المزيف والحقيقي ...
والحب الحقيقي يبقى  لأنه من جذور وبواطن المشاعر ، وما اعتراه الزيف فخريف واحد كفيل بقتله .

المقدِّم : لقد أحببت ولم أضع كل هذه المقدمات في ذهني ، لقد حيرني أن أحسُّ أن الحب اللذيذ ساحة وعرة لها كل هذا ، نحن نراه بسيط ...لكن صحيح لابد أن نجد فيه قواعداً وحقائق فهو كغيره من قوى الحياة ..
لقد تحدثنا وسرقنا الكلام ، لكن تبلورت في أذهاننا فكرة قد ترضي فضول الكثير عن بعض تجارب الحب في حياة أحمد ، وعن ما يا يراه في الحب ونظرته إليه  ...
في اللقاء القادم حوارات وأحاديث من نوعٍ آخر ، تدور حول شخصية أحمد وأفكاره ...نحبُّ أن نرى أسئلتكم  على صفحتنا على الفيسبوك ، وفي اللقاء القادم سنجيب على أسئلتكم ونرضي فضولكم إن شاء الله .. نشكرك يا أحمد على حوارك الشيَّق معنا ، نتمنى لك الخير وللحديث بقية ....


                                                                                ‏أحمد صلاح

0 التعليقات:

إرسال تعليق