فضاء شاسع وحضور
من العدم تظهر فتاة
فتتصاعد نغمات عويل ناي
فتبدأ الفتاة بالرقص
حركات مهتزة ثم هشة
ثم حركات طبيعية خلابة
ثم تعيد الكرة من جديد
ثم ترقصُ وتدور وتقفز
ويكأنها راقصة باليه ماهرة
تتمايل ذات اليمين وذات اليسار
وتدور وتدور
ثم تقطع رقصتها بصرخة مدوية
وتسقط باكية
وتقرفصُ وتنشج
ثم تقف وترقص مرة أخرى
وترقص وترقص
ثم تسقط باكية
وتقرفص وتنشج
وتصرخ:
أيا إلهي لقد تعبت"
ثم تقف وتحاول معاودة الرقص
فتخاذلها قواها فتخر باكية:
أيا إلهي لقد سئمت
غفران يا ألله غفران
إن نفسي تتوق لعهدي القديم
عهد البراءة
والمبالاة!
قد كان هناك قلب يشعر
لكنه أحيل إلى فولاذ.
تقف الفتاة وتجفف دموعها
وتقول:
هل يوجد إنسي على الأرض يحمل ذرة من نقاء؟!
نقاء باطني وخارجي
ليس قشرة لامعة لباطن أجوف.. أعني؟!
هل يوجد؟!
الجميع دنسون، يسعون وراء الخطيئة
لا يهم ذنب كبير أم صغير
هو ذنب على أية حال
ونهايةً يقولون
"الخطيئة من تجري وراءنا، لا ذنب لنا يا ألله، دعوناك كثيرًا ولم تستجب"
الخطيئة والخطيئة والخطيئة
كم هي كلمة ملعونة
تمثلني
راء الرجس
نون نجس
وألف عصا هشة
"رجس سيلحق بي لنجاسة روحي وضعف الايمان"
الجميع ينظرون إليّ نظرة النقي الطاهر
ولكن لو أُزيل الغشاء الحائل من أعينهم
لبصقوا في وجهي ولاذوا بالفرار
أنا
أنا راهبة فاحشة تركت الرهبانية وانساقت وراء الضلال
تضحك لهذا وتتمايل لذاك
أنا نجسة ضلالية قتلت طفلًا بريئًا وأحيلت إلى جماد
أنا عمود إنارة مصباحه حُرق
اختار أناس السير في طريق أنا به
علني أنير وجهتهم
لكنهم أصيبوا بالخذلان
قد كنت فراشة تحلق بمرح
نقية كنت
ظن أبي أني سأحدث تغيراً في التاريخ
ظنوا فيَّ أثر الفراشة التي يتحدثون عنها
لكنهم وجدوني "ضفدع مستنقع"
يهتز جسد الفتاة ويرتعش
وتهطل دمعتان من عينيها
وتقول :
سيئ شعور أن تسعى وراء الخطيئة
يمهد لك الرب ألف طريق لتتركها
لكنك تتشبث بها بكل ما أوتيت
سيئ أن تستيقظ من منامك إثر كابوس
ترى ذاتك به وأنت تدنس يديك بالخطيئة
سيئ أن تبكي على حالك
نصف يود إبراح الخطيئة
ونصف يجد اللذة بها
ويراها نعمة من الله!
لو لم تكن نعمة لما أعطى الله بها لذة!
تتحرك الفتاة ذهابا وإيابا
ثم تقف وتأخذ نفسًا عميقًا
وتنظر للجميع نظرة التائه وتتحدث بصراخ:
كيف ترونني ؟!
ترونني كيف؟!
إن كانت صورة حسنة فأنتم مخدوعون
أنا شيطانة
أقسم بذلك..
قوم لوط
أنا من وسوس لهم!
أنا جزء منهم!
أنا هم وهم أنا
أنا سيئة
ناي يعوي
قلب مشطور
أنين روح
هذه أنا
هل ما زالت الصورة حسنة؟!
تتحرك الفتاة خطوتين للأمام
وتشير بسبابتها للحضور وتقول:
غريبون أنتم
النقي نجس
والنجس نقي
الصالح طالح
والطالح صالح
تحتاجون لإيمان
وأنا أحتاج لطهارة
كم أنا دنسة ودرنة!
كم أكرهك يا أنا
وأكره هذا العالم الغريب
وشوش ومظاهر وخدع
نجاسة ودناسة وفجور..
هذا ببساطة العالم الذي نعيش فيه
ألا هلاكًا لنا!
تضع الفتاة يدها على جبينها
و يدها الثانية تلامس مرفق الأخرى
وتتحرك ذهابًا وإيابًا
ثم تقف فجأة وتقول:
كيف الحياة؟
وكيف نحن؟
كيف الموت؟
تضع يديها جانبًا وتقول في وهن:
أتعلمون..
الحياة كما شرشف كبير، شطر أبيض حلو، وشطر أدهم مر لو تعلمون!
ونحن نسير وفق عقرب النوايا، من يرد الأبيض فليصطبغ بالنقاء، ومن يرد الأسود فليلطخ بالنجاسة.
نعيش لنتحدى الاغراءات، ننظر لها ويكأنها هواء شفاف!.. وذاك ما أبتغيه!.
أما الموت، فهو كما طيف يمر كالهواء!.. لا ارتجافة ولا خوف!.
تتحرك الفتاة خطوتين للخلف
ثم تأخذ نفسًا طويلًا، وتبتسم
وتقول: النفس فولاذ صلب..
والخلاعة فكرة مغناطِسية..
إن يلتحما أضحى الفؤاد جمادًا أصم!
والمرء بيده جعل النفس حبة تنمو وتخضر!
ثم تبتسم ابتسامة واسعة
وتعاود الرقص!
تنهي رقصتها عاجلة
وتتوهم بالتصفيق الحار من الحضور
ولم يزدوا عن كونهم "انعكاس، ذات، ضمير".
Rana Ahmed Shorab
اي الجمااااال دااااا🖤💛
ردحذف