بنيتي العزيزة، إني أحبك حبًا شديدًا حتى قبل أن ألتقيك، و إني لأود أن تكوني نقيةً طاهرة لا تشوبك شائبة، لا يتحدث عنكِ الغير إلا بالحسن الحميد، لا يشغل بالك إلا المفيد، فالتفاهات كالحديث بين شابٍ و فتاة فيما هو محرم، مضيعة للوقت، رجس من عمل الشيطان، فالوقت كما الماء، إن لم تكوني حذرةً في تجديف زورقك، تقلب وأصبحت عفناً، و كل امرئ سيُسأل عن وقته فيما أفناه وأفقده. بنيتي كوني أنتِ أنتِ، أنتِ نفسك لا أحد آخر لا شك في ذلك، و لكن بعض السفهاء يتشبثون بأثواب أناس آخرين، لا هم قدوة و لا أسوة حسنة، و أعجب من ذلك أنهم يجدون اللذة والمتعة في ذاك التشبث!. بنيتي إن اتخذتِ قدوة، فلتكن لشخصٍ أحدث تغيرًا في التاريخ، أو اشتهر بكرمه وعطفه على الضعيف، أو شخصٍ ديني فقهه بحر مليء بالدرر الثمينة والكنوز الشهية، فيزداد وعيك وينمو. صغيرتي إن خير الكلام أقله وأغزره معنى، فلا تكوني ثرثارة يسخر منكِ القوم، وتضحي كلمة مستساغة يتفوه بها الجُهال في كل حينٍ مضيعة للوقت، وحذار حذار أن تلقي كلمة دون تفكر، فلا تكوني كما الحمقاوات يلقين كلامًا على عواهنها، لا هن على دراية مما يقلن، ولا هن على علم إذ كان ذاك الكلام سيؤلم الآخر أم لا!. حبيبتي أنتِ جميلة بلا شك، فالله أعطى جمالًا مميزًا لجميع خلقه، فلا تكوني كما البلهاوات الجاحدات نعمة الله، يبصقن على وجوههن إذ رأينها في المرآة، ويظللن يبكين ليل نهار على خلقتهن، ويندبن في حظوظهن، حاقدات الجميلات، متمنيات لهن زوال نعمتهن. بنيتي لكل امرئ جمال خاص به يزينه أخلاقه، فإن اتبعتِ الخلق القويم، كنتِ أجمل الفتيات، وأملحهن روحًا، وأخفهن ظلًا. حبيبتي إن المرض طيف، إما أن يستحوذ على المرء، وإما أن يمر مرور الكرام، فلا تجعلي هذا الطيف وسواسًا يلازمك، وإن حاول، فقصي جناحي تلك الذبابة اللعينة، وكم من ذبابة قتلت إنسي لضعفه عن قتلها!. بنيتي إن الوسواس لهو أشد الأمراض خطورة، فلا تكوني كما امرأة اتخذت الوسواس منهجًا لها؛ فحالها كمن فقد عقله، ينتظر الموت على أعتاب المنزل، أو ربما سيعجل بلقى حتفه!، فحذار ألف مرة أن تصابي بذلك المرض. وردتي إن في تلك الحياة خصال تنفر الفرد من فاعلها، ألا ومنها الغرور، فابتري يد الغرور إن حاولت مَسّك، ولا تكوني كما رجل اغتر وعلا في الأرض، لظنه أنه بلغ العُلا، وما بلوغ العُلا إلا بالخلق السديد. حُلوتي إن الفضيلة رزق من الله، يمنحها لمن يحبه، فاتخذيها منوالًا، فبدون الفضيلة لا ثمن ولا معيار للمذكور بالأعلى، فما أجمل العفة وما أجل الحياء، و كم من امرأة اتخذت تلك الخلتان مسلكًا لها؛ فعاشت قريرة النفس، مقصودة بين الناس. وأيم الله إن النفس لو خلت منها الفضيلة؛ لسئمت نفسها و تعجبت حالها لخلوها من خلال الكمال، ولنُبذت كمنتشي يهذي بين الناس. احترسي صغيرتي من الصديق، وراقبي أفعاله، لتعلمي الصالح من الطالح، والصادق من الخائن، فإن كان على خلق سوي فلا مشاحة من مجاراته، وإن كان خلاف ذلك فالابتعاد هرولة خير لك من مصاحبته. و قبل كل ذلك صغيرتي عليك بمراعاة الله في كل ما تفعلينه، فلا تكوني كما العباد الغُفل الذين يتخذون التقصير في حق الله منهجًا يسيرون عليه غير عابئين إذ كان فعلهم محرمًا أم لا، فقبرتهم أعمالهم بأن أصبحوا ضعافًا مهانين. بنيتي إن الدنيا كما شرشف، يتزين ويزركش بأعمالك الحسنة، ويلوث ويبهت بأعمالك المثلبة وأبعد الله عنك ذلك. وختامًا إني لأرجو أن أراك يومًا ما، و لكنه الموت صغيرتي، هو آت لا مفر، لكني على يقين تام أنه قريب جدا، قريب جدا بالقدر أني لن أراك يومًا أقبلك وأشم رائحتك، فآثرت أكتب لك خشية أن أموت دون توديعك وإن كنتِ لن تريها قط، فقط اعلمي أن أمك تحبك و تتمنى ألا ترتكبي ذات أخطاءها. بنيتي إني أحبك، وداعًا
Rana Ahmed
0 التعليقات:
إرسال تعليق